عندما تكون الثقافة جدباً !!!!
صفحة 1 من اصل 1
12082012
عندما تكون الثقافة جدباً !!!!
عندما تكون الثقافة جدباً !!!!
الحمد لله رب العالمين ,
والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وآله وصحبه الخيرين , وبعد .
جميل جداً أن تكون من نفر المثقفين , والأجمل من ذلك هو أن تسخر ثقافتك مهما كان قدرها لخدمة وقضايا المجتمع بأن تكون إيجابياً ومتفاعلاً معها .
غير أن الآن – بمساهمة أفراده – قد أصبح يركض لاهثاً وراء الثقافة وكأنها سلم الأمجاد أو أم الحلول !!
وبقدرة قادر أصبحت الثقافة هي حديث المجالس ومعيار التقدم , وموضوع الصحف بين الحين والآخر حين أن مفهومها ليس معقداً بالشكل الذي تصورناه .
والحقيقة أننا أعطينا الثقافة أكثر من حقها , ووضعنا حول هذه الكلمة هالة كبيرة , وعلامات استفهام عديدة حتى أصبحت الثقافة قضية الأمس واليوم وحتى الغد !
بل لقد طالبنا الجميع بمختلف الأعمار ومستوى المفاهيم والاهتمامات , بأن يكونوا مثقفين من خلال الدعوة إلى القراءة المستمرة والإطلاع الواسع , لدرجة أننا في مناقشاتنا اليومية , نحاول ما أمكن إظهار أنفسنا مثقفين أمام السامعين , من خلال إقحام جوانب ثقافية لا لزوم لها في مواضيع لا تستحق كل ذلك .
وهذه الحالة يسعى صاحبها إلى استعراض (عضلاته الثقافية) إن وجدت حتى يوهم السامع أنه مثقف فعلاً .
فالكتّاب في الصحافة من خلال مطالبهم الدائمة والمستمرة بالقراءة والإطلاع في مختلف العلوم كالتاريخ والأدب والرياضيات .. وإلخ لدرجة أصيب معها القراء (بعقدة الثقافة) التي أجهدوا أنفسهم في سبيل الخلاص منها باقتناء كم هائل من الكتب المتعددة التي لا يعرفون منها إلا أسماءها!! _ وأنا واحد ممن ابتلى بجمع الكتب ومصيرها للغبار لا للقراءة _ وإن قرؤوها فهم لا يخرجون منها بشيء تنعكس فائدته على المجتمع فالمهم أنهم مثقفون طالما أنهم يملكون مكتبة عامرة بما لذ وطاب من الكتب الثقافية التي قرؤوها
– ولا فخر – معتقدين أنهم تخلصوا من لقب بغيض اتهام جائر على صيغة (أنت غير مثقف) وهذه هي التي أنتجت وتنتج يوماً بعد الآخر المتشدقين بالثقافة من أشباه المثقفين وأدعياء الفكر والكلمة , وهنا ليس ذنب الفرد بقدر ما هو ذنب مجتمع ساهم بطريقة غير مباشرة لإيجاد مثل هذه النوعية من الأفراد عن طريق (التعصب الثقافي) .
– وقد يقول قائل بأن ثقافة المجتمع من ثقافة الفرد , ولكن أكثر المثقفين في مجتمعنا لا يتفاعلون معه من خلال القضايا الكثيرة الهامة التي يعاني منها تفاعلاً محسوساً , فنجد ثقافتهم ذات نفعٍ قاصر من خلال الفائدة المحدودة التي تعود عليهم أنفسهم , فتجد أن المجتمع قد سخر لهذا المثقف لتنصيبه علماً
وخطيباً ومتحدثاً في المحافل والمهرجانات , دون أن يقدم مقابلاً لهذا المجتمع الذي لمع اسمه بجهود مجتمعه لا بجهده,
– ويطيب لي هنا ذكر عبارة (رولان) التي تقول : ((إن المثقف الذي لا يربط ثقافته بقضايا شعبه وأمته هو لا شيء !!))
– ويظن كثيرٌ منا بأن المجتمع المثقف يختلف اختلافاً كلياً عن غيره من خلال تعامل أفراده مع الغير سواءً من ناحية الاحتكاك أو طرف المعاملة , وهذا خطأ شائع ساعد فيه تخبطنا في البحث في مختلف الكتب عن تعريفات مختلفة للثقافة , وكأنها إحدى طلاسم العصر الحديث !!
– بينما يجب التفريق بين الثقافة والتحضر , فالمجتمع المتحضر أرقى بكثير من المجتمعات غير المتحضرة , وتحضر المجتمعات لا يرتبط بثقافتها ارتباطاً ملموساً , وأبسط الأمثلة على ذلك دول أوربا وأمريكا واليابان , مثلاً ففي أمريكا على سبيل المثال لا الحصر تطالعنا إحصائياتهم واستطلاعاتهم عن مستوى ثقافة الفرد الأمريكي فنفاجأ بأنه مفلس ثقافياً , بل إنه لا يعرف أبجديات الثقافة , في حين أن أمريكا في طليعة الدول المتقدمة والمتحضرة علمياً وتكنولوجياً وعسكرياً , وكل ما هنا لك الاهتمام والتفرغ والكفاح والإخلاص المستميت في العمل لدرجة أن جامعاتهم العلمية ومصانعهم التقنية تزخر بالنوابغ في مجال العمل وبالاستشاريين الأخصائيين فيه , وعن طريق إخلاص الفرد العامل لعمله وتضحيته في سبيل إتمامه , وتفاعله مع مجتمعه , من خلاله تقدم المجتمع بالإنتاج , وتحضر بالإبداع ووصل إلى أعلى المستويات في التكنولوجيا الحديثة التي نغبطهم عليها .
– وأود هنا أن أقول بأن لا مجال لمقارنة هذه الفئة ببعض فئات المثقفين الجامعيين وغير الجامعيين في مجتمعنا الذين يختارون المناصب الإدارية السهلة منتظرين انتهاء دوامهم على أحر من الجمر .
– هذا إن لم يخرجوا قبل انتهائه .
– وإذا كان هؤلاء المثقفون لا يهتمون بأبسط الأعمال المكتبية والإدارية من خلال المعاملات السهلة ذات المجهود (التوقيعي) فكيف ننتظر منهم أو من غيرهم الإبداع والخلق في مجال العمل
وفي الختام ليس لنا إلا أن نقول ونردد هذه الآية ((وقل ربِ زدني علما)).
الأحد 19/3/1406 هـ 1/12/1985 م
يوسف المبارك آل مسعود
الحمد لله رب العالمين ,
والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وآله وصحبه الخيرين , وبعد .
جميل جداً أن تكون من نفر المثقفين , والأجمل من ذلك هو أن تسخر ثقافتك مهما كان قدرها لخدمة وقضايا المجتمع بأن تكون إيجابياً ومتفاعلاً معها .
غير أن الآن – بمساهمة أفراده – قد أصبح يركض لاهثاً وراء الثقافة وكأنها سلم الأمجاد أو أم الحلول !!
وبقدرة قادر أصبحت الثقافة هي حديث المجالس ومعيار التقدم , وموضوع الصحف بين الحين والآخر حين أن مفهومها ليس معقداً بالشكل الذي تصورناه .
والحقيقة أننا أعطينا الثقافة أكثر من حقها , ووضعنا حول هذه الكلمة هالة كبيرة , وعلامات استفهام عديدة حتى أصبحت الثقافة قضية الأمس واليوم وحتى الغد !
بل لقد طالبنا الجميع بمختلف الأعمار ومستوى المفاهيم والاهتمامات , بأن يكونوا مثقفين من خلال الدعوة إلى القراءة المستمرة والإطلاع الواسع , لدرجة أننا في مناقشاتنا اليومية , نحاول ما أمكن إظهار أنفسنا مثقفين أمام السامعين , من خلال إقحام جوانب ثقافية لا لزوم لها في مواضيع لا تستحق كل ذلك .
وهذه الحالة يسعى صاحبها إلى استعراض (عضلاته الثقافية) إن وجدت حتى يوهم السامع أنه مثقف فعلاً .
فالكتّاب في الصحافة من خلال مطالبهم الدائمة والمستمرة بالقراءة والإطلاع في مختلف العلوم كالتاريخ والأدب والرياضيات .. وإلخ لدرجة أصيب معها القراء (بعقدة الثقافة) التي أجهدوا أنفسهم في سبيل الخلاص منها باقتناء كم هائل من الكتب المتعددة التي لا يعرفون منها إلا أسماءها!! _ وأنا واحد ممن ابتلى بجمع الكتب ومصيرها للغبار لا للقراءة _ وإن قرؤوها فهم لا يخرجون منها بشيء تنعكس فائدته على المجتمع فالمهم أنهم مثقفون طالما أنهم يملكون مكتبة عامرة بما لذ وطاب من الكتب الثقافية التي قرؤوها
– ولا فخر – معتقدين أنهم تخلصوا من لقب بغيض اتهام جائر على صيغة (أنت غير مثقف) وهذه هي التي أنتجت وتنتج يوماً بعد الآخر المتشدقين بالثقافة من أشباه المثقفين وأدعياء الفكر والكلمة , وهنا ليس ذنب الفرد بقدر ما هو ذنب مجتمع ساهم بطريقة غير مباشرة لإيجاد مثل هذه النوعية من الأفراد عن طريق (التعصب الثقافي) .
– وقد يقول قائل بأن ثقافة المجتمع من ثقافة الفرد , ولكن أكثر المثقفين في مجتمعنا لا يتفاعلون معه من خلال القضايا الكثيرة الهامة التي يعاني منها تفاعلاً محسوساً , فنجد ثقافتهم ذات نفعٍ قاصر من خلال الفائدة المحدودة التي تعود عليهم أنفسهم , فتجد أن المجتمع قد سخر لهذا المثقف لتنصيبه علماً
وخطيباً ومتحدثاً في المحافل والمهرجانات , دون أن يقدم مقابلاً لهذا المجتمع الذي لمع اسمه بجهود مجتمعه لا بجهده,
– ويطيب لي هنا ذكر عبارة (رولان) التي تقول : ((إن المثقف الذي لا يربط ثقافته بقضايا شعبه وأمته هو لا شيء !!))
– ويظن كثيرٌ منا بأن المجتمع المثقف يختلف اختلافاً كلياً عن غيره من خلال تعامل أفراده مع الغير سواءً من ناحية الاحتكاك أو طرف المعاملة , وهذا خطأ شائع ساعد فيه تخبطنا في البحث في مختلف الكتب عن تعريفات مختلفة للثقافة , وكأنها إحدى طلاسم العصر الحديث !!
– بينما يجب التفريق بين الثقافة والتحضر , فالمجتمع المتحضر أرقى بكثير من المجتمعات غير المتحضرة , وتحضر المجتمعات لا يرتبط بثقافتها ارتباطاً ملموساً , وأبسط الأمثلة على ذلك دول أوربا وأمريكا واليابان , مثلاً ففي أمريكا على سبيل المثال لا الحصر تطالعنا إحصائياتهم واستطلاعاتهم عن مستوى ثقافة الفرد الأمريكي فنفاجأ بأنه مفلس ثقافياً , بل إنه لا يعرف أبجديات الثقافة , في حين أن أمريكا في طليعة الدول المتقدمة والمتحضرة علمياً وتكنولوجياً وعسكرياً , وكل ما هنا لك الاهتمام والتفرغ والكفاح والإخلاص المستميت في العمل لدرجة أن جامعاتهم العلمية ومصانعهم التقنية تزخر بالنوابغ في مجال العمل وبالاستشاريين الأخصائيين فيه , وعن طريق إخلاص الفرد العامل لعمله وتضحيته في سبيل إتمامه , وتفاعله مع مجتمعه , من خلاله تقدم المجتمع بالإنتاج , وتحضر بالإبداع ووصل إلى أعلى المستويات في التكنولوجيا الحديثة التي نغبطهم عليها .
– وأود هنا أن أقول بأن لا مجال لمقارنة هذه الفئة ببعض فئات المثقفين الجامعيين وغير الجامعيين في مجتمعنا الذين يختارون المناصب الإدارية السهلة منتظرين انتهاء دوامهم على أحر من الجمر .
– هذا إن لم يخرجوا قبل انتهائه .
– وإذا كان هؤلاء المثقفون لا يهتمون بأبسط الأعمال المكتبية والإدارية من خلال المعاملات السهلة ذات المجهود (التوقيعي) فكيف ننتظر منهم أو من غيرهم الإبداع والخلق في مجال العمل
وفي الختام ليس لنا إلا أن نقول ونردد هذه الآية ((وقل ربِ زدني علما)).
الأحد 19/3/1406 هـ 1/12/1985 م
يوسف المبارك آل مسعود
تمريّون- الإدارة
-
الإقامة : هجر
العمل/الترقيه : عامل
السٌّمعَة : 3
نقاط : 690
تاريخ التسجيل : 12/05/2008
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2021, 6:32 am من طرف تمريّون
» من كتابات أم عماد المبارك رحمها الله تعالى
الأحد 10 مايو 2020, 3:01 pm من طرف المشرف العام
» منتدى أبوخمسين 12-10-1414 هـ
الخميس 22 سبتمبر 2016, 7:48 pm من طرف تمريّون
» معجم البابطين لشعراء القرنين ال 19 و 20
الأربعاء 31 أغسطس 2016, 4:43 pm من طرف تمريّون
» حول معنى كلمة .. الباطل يموت بترك ذكره .
السبت 28 مايو 2016, 12:10 pm من طرف تمريّون
» ياغيور ..
الثلاثاء 03 مايو 2016, 3:16 pm من طرف تمريّون
» رسائل بين الشاعرين الشامي ابن عيسى والهجري ابن الصحيح
السبت 26 ديسمبر 2015, 2:50 pm من طرف تمريّون
» تأمل في قول الرسول ( ص ) : (( صوموا تصحوا ))
الخميس 07 مارس 2013, 3:50 am من طرف تمريّون
» مـا أسـرع أيـامك يـاشهر رمضـان
الخميس 07 مارس 2013, 3:40 am من طرف تمريّون
» لكل يوم من شهر رمضان دعاء
الخميس 07 مارس 2013, 3:37 am من طرف تمريّون