يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
صفحة 1 من اصل 1
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد الله الذي خلق النور من النور ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ..
الحمد الله الذي هو بالعز مذكور ، وبالفخر مشهور ، وعلى السراء والضراء مشكور ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ..
والحمدلله الذي منّ علي بكم ، ونوّر قلبي بنور هدايتكم ، وجعلني من المعتصمين بحبل ولايتكم ،
قال رسول الله (ص) : خمس لا يجتمعن إلا في مؤمن حقا ، يوجب الله له بهن الجنة : النور في القلب ، والفقه في الإسلام ، والورع في الدين ، والمودة في الناس ، وحسن السمت في الوجه . ص219
المصدر: كنز الكراجكي
قال الإمام الباقر (ع) : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ، ثم تلا هذه الآية : { إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين } .
فالعين المجردة لا يمكن أن تبصر الأشياء إلا بانعكاس النور عليها أو الضوء .
وإلا فالعين لن ترى إلا الظلمة والسواد , والإبصار هو بنور الحق ونور اليقين
ويروى في الحديث ,
قال الإمام الصادق (ع) في قول الله تبارك وتعالى { واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه } : يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حق .
بيان: يمكن أن تكون الحيلولة بالهدايات والألطاف الخاصة زائدا على الأمر والنهي ، ويحتمل أن يكون مخصوصا بالمقربين الذين يملك الله قلوبهم ويستولي عليها بلطفه ، ويتصرّف فيها بأمره ، فلا يشاؤون شيئا إلا أن يشاء الله ، ولا يريدون إلا ما أراد الله .
فهو تعالى في كل آن يفيض على أرواحهم ، ويتصرّف في أبدانهم ، فهم ينظرون بنور الله ، ويبطشون بقوة الله ، كما قال تعالى فيهم : فبي يسمع ، وبي يبصر ، وبي ينطق ، وبي يمشي ، وبي يبطش ، وقال جلّ وعزّ : كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه .انتهى
فالمؤمن ينظر بعين الله , وينظر بنور الله
قال رسول الله (ص) : خمس لا يجتمعن إلا في مؤمن حقا ، يوجب الله له بهن الجنة : النور في القلب ، والفقه في الإسلام ، والورع في الدين ، والمودة في الناس ، وحسن السمت في الوجه . ص219
المصدر: كنز الكراجكي
قال الإمام الرضا (ع) : إنّا عن الله وعن رسوله نحدّث ، ولا نقول : قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا ، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أولنا ، وكلام أولنا مصداقٌ لكلام آخرنا ، وإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه وقولوا : أنت أعلم وما جئت به ، فإنّ مع كلّ قولٍ منّا حقيقةً وعليه نورٌ ، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان . ص250
المصدر: الكشي
وقد ورد عنهم في الزيارة الجامعة في بيان وحدة نور النبي والأئمة عليهم السلام في عالم الخلق والحجة قوله : ( أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي، وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة ، طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ، حتى من علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلاتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا ، فكنا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم ) .
مانصه :
السلام على الأئمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة الولاة ، والذادة الحماة ، أهل الذكر ، وأولي الأمر ، وبقية الله ، وخيرته ، وحزبه ، وعيبة علمه ، وحجته ، وصراطه ، ونوره ، وبرهانه ، ورحمة الله وبركاته .
واختاركم لسره ، واجتباكم بقدرته ، وأعزكم بهداه ، وخصكم ببرهانه ، وانتجبكم لنوره ، وأيدكم بروحه ،
فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم زاهق ، والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم ، وأنتم أهله ومعدنه ، وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابه عليكم ، وفصل الخطاب عندكم ، وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ، ونوره وبرهانه عندكم ، وأمره إليكم .
أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي، وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة , طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ، حتى من علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ،
ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم ، وعظم خطركم ، وكبر شأنكم ، وتمام نوركم وصدق مقاعدكم ، وثبات مقامكم ، وشرف محلكم ،
مواليَّ لا أحصي ثنائكم ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار وحجج الجبار
وذل كل شئ لكم ، وأشرقت الأرض بنوركم ، وفاز الفائزون بولايتكم
كلامكم نور ، وأمركم رشد ، ووصيتكم التقوى ، وفعلكم الخير ، وعادتكم الإحسان ، وسجيتكم الكرم ،
وهذه نصوص من الزيارة الجامعة مايدل معناها على النور
السلام على أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأعلام التقى
وشهداء على خلقه ، وأعلاماً لعباده ، ومناراً في بلاده ، وأدلاء على صراطه ،
قال رسول الله (ص) : إنّ الله عزّ وجلّ يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم : لم أضع نوري وحكمتي في صدروكم ، إلا وأنا أريد بكم خير الدنيا والآخرة ، اذهبوا فقد غفرت لكم ما كان منكم . ص16
المصدر: العلل
فالعين التي ينظر بها المؤمن هي عين البصيرة أي القلب النوراني لا عين الباصرة أو العين
وهي امتداد لنور من أنوار الله سبحانه وتعالى,
قال الإمام الصادق (ع) : دعامة الإنسان العقل ، ومن العقل : الفطنة ، والفهم ، والحفظ ، والعلم .. فإذا كان تأييد عقله من النور ، كان عالما حافظا زكيا فطنا فهما ، وبالعقل يكمل ، وهو دليله ومبصّره ومفتاح أمره . اه
فهو يسمع ويتأمل ويبصر ويتفكر بهذا النور المنزل من ربه , ويتفكر في الأشياء والعوالم والموجودات , وهي بلا شك تسبح بحمد ربها ,
ومن خلال هذا النور الرباني تتبدد أمامه كل ظلمات الوهم , وتنجلي عنه شكوك الضلال , وخطرات الريب , وينكشف له مكنون الغيب .
دخلت على أبي عبد الله (ع) ومعي رجلٌ من أصحابنا ، فقلت له : جعلت فداك يا بن رسول الله !.. إني لأغتمّ وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا ، فقال أبو عبد الله (ع) : إنّ ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا ، إذا دخل علينا حزنٌ أو سرورٌ كان ذلك داخلا عليكم ، لأنا وإياكم من نور الله عزّ وجلّ ، فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة .... الخبر .
مدينة الرسول الأعظم مدينة التسامح والسلام، لقبت بـ (المنورة) بدلا عن يثرب الاسم القديم، لأنها تنورت وتشرفت بنور النبي محمد عندما هاجر إليها، واتخذها سكنا وعاصمة للرسالة الإسلامية، وازدادت شرفا ومكانة وبركة وطهارة باحتضان جسد خاتم الأنبياء والمرسلين حبيبنا الكريم محمد .
والله سبحانه جعل امتداد نوره , في محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام ليشع علينا في الأرض ,
وقد ورد في الزيارة الجامعة ( كلامكم نور , وأمركم رشد, ووصيتكم التقوى , وفعلكم الخير )
قال الإمام علي (ع) : وليس كل أصحاب رسول الله (ص) يسأله عن الشيء فيفهم ، كان منهم من يسأله ولا يستفهمه ،............
ثم وضع (ص) يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكما ونورا ،...انتهى
وقال الله تعالى : (إنها لا تعمى الأبصار إنما تعمى القلوب التي في الصدور )
وقال الله تعالى : وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40) سورة النور
وقال الله تعالى : أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) سورة الزمر
وقال الله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) سورة الزمر
وقال الله تعالى : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( سورة التغابن
وقال الله تعالى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) سورة الشورى
ومن يتبع آيات الله وصراطه المستقيم ونورهم سيزيد الله من نوره ودرجته في درجة الصديقين والشهداء.
وقال الله تعالى : وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) سورة الحديد
وقال الله تعالى : ولنسأل أنفسنا من هو هذا القمر المنير والشمس المضيئة في هذه الآية؟
قال الله تعالى : وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) سورة نوح
فالمؤمن عندما يهتدي بنور الله ونور محمد وآله الطاهرين ص يحب مصدر هذا النور, ولايشرك معه أحداً,
قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (9) سورة الحديد
و لا يحب سوى الله , ولايهتدي بغيره ,
بل يهتدي بنور الآيات البينات من نور محمد وآله ص, التي تعرفه عندما يتمسك بهم بخالقه ,
ولا يحب إلا الله ولله , لامعبود سواه لاشريك له,
قال الله تعالى : فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175) سورة النساء
وعندما يغضب المؤمن لا يغضب إلا لله
ولا يبغض إلا لله
فقد جعل الله حبه الأكبر
ومثله الأعلى,
ومبلغ رضاه,
فما هو مبلغ رضا الله سبحانه وتعالى ؟
قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28) سورة الحديد
فما هما الكفلين من الرحمة ؟
قال الله تعالى : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( سورة التغابن
فما هو هذا النور الذي أنزله الله وأمرنا أن نؤمن به ؟
فهل سنقول هو كتاب الله ؟
كما يقول البعض أن نور الله هو كتاب الله ,
وحبل الله هو كتاب الله أو عهد الله ,
وهذه الآية تقول قد جاءكم من الله نور وكتاب ,
فهل الكتاب هو النور ؟
وفي زيارة الإمام علي ع للسلام على رسول الله ص.. ثم حملها على يده وأقبل بها إلى قبر أبيها ونادى : السلام عليك يارسول الله !.. السلام عليك يا حبيب الله !.. السلام عليك يا نور الله !.. السلام عليك يا صفوة الله !..
أم الكتاب يحتاج إلى ناطق يستضيء به من هو محتاج لهذا النورالمنزل؟
قال الله تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16) سورة المائدة
فالمؤمن يحب الله لأن الله يحبه ,
والله كما نعلم يحب عبيده ,
والمؤمن يحب هؤلاء العبيد من حب الله لهم ,
ويحب خاصة عبيده الذين أمر الله بحبهم وصلتهم وودهم لأنه منهم فهو يحبهم من أجله ,
ويوالي من والوا ويعادي من عادوا.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال لبعض أصحابه ذات يوم : يا عبد الله !.. أحبب في الله ، وأبغض في الله ، ووالِ في الله ، وعادِ في الله ، فإنّه لا تُنال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد رجلٌ طعم الإيمان - وإن كثُرت صلاته وصيامه - حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة النّاس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً ، فقال له : وكيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله عزّ وجلّ ؟.. ومَن وليّ الله عزّ وجلّ حتّى أواليه ، ومَن عدوّه حتّى أُعاديه ؟!.. فأشار له رسول الله (ص) إلى عليّ (ع) ، فقال : أترى هذا ؟.. فقال : بلى ، قال : وليُّ هذا وليُّ الله فواله ، وعدوُّ هذا عدوُّ الله فعاده ، والِ وليَّ هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك ، وعادِ عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك .جواهر البحار
ويحب الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم و عترته الطاهرة , وسائر أولياء الله وعباده الصالحين السائرين على صراطه المستقيم والمتمسكين بمحبتهم وولايتهم , لأن الله يحبهم وأمر بحبهم والسير على هداهم ,
عن النبي (ص) في خبر طويل في وصف المعراج ساقه إلى أن قال :
ثم عرج بي إلى السماء السابعة ، فسمعتُ الملائكة يقولون لما أن رأوني : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم تلقّوني وسلّموا عليّ ، وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : يا ملائكة ربي !.. سمعتكم تقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، فما الذي صدقكم ؟.. قالوا :
يا نبي الله !.. إنّ الله تبارك وتعالى لما أن خلقكم أشباح نور من سناء نوره ومن سناء عزّه ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، عرض ولايتكم علينا ورسَخَت في قلوبنا ، فشكونا محبتك إلى الله ، فوعد ربنا أن يريناك في السماء معنا ، وقد صدقنا وعده .
قال الله تعالى : فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف
قال الإمام الباقر (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى لما أسرى بنبيه (ص) قال له : يا محمد !.. إنه قد انقضت نبوتك ، وانقطع أكلك ، فمَن لأمتك من بعدك ؟.. فقلت : يا ربّ !.. إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي بن أبي طالب ، فقال عزّ وجلّ : ولي يا محمد !.. فمَن لأمتك ؟.. فقلت : يا ربّ !.. إني قد بلوت خلقك ، فلم أجد أحداً أشدّ حباً لي من علي بن أبي طالب ، فقال عزّ وجلّ : ولي يا محمد !.. فأبلغه أنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونورٌ لمن أطاعني . إ ه
اللهم اجعلنا ممن يحبهم ويتبع النور الذي أنزل مع النبي ص ,
قال رسول الله (ص) : لما عُرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربي جلّ جلاله :
يا محمد !.. أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع ، وإياي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، وبي فثق ، فإني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيا ، وبأخيك علي خليفةً وباباً ، فهو حجّتي على عبادي ، وإمامٌ لخلقي ، به يُعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يُميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يُقام ديني ، وتُحفظ حدودي ، وتُنفّذ أحكامي ..
وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتحليلي وتكبيري وتمجيدي ، وبه أًطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى ، وكلمتي العليا ، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيتي ، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي لتؤيّده على إنفاذ أمري ، وإعلان ديني ، ذلك وليي حقا ومهدي عبادي صدقا. انتهى
قال أمير المؤمنين (ع) في رسالته إلى سهل بن حنيف رحمه الله : والله ما قلعتُ باب خيبر ورميتُ به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية ، ولا حركة غذائية ، لكني أُيّدت بقوة ملكوتية ، ونفس بنور ربها مضيئة .. وأنا من أحمد كالضوء من الضوء ، انتهى
كنت ببغداد عند قاضي بغداد واسمه سماعة ، إذ دخل عليه رجل من كبار أهل بغداد ، فقال له : أصلح الله القاضي ، إني حججت في السنين الماضية ، فمررت بالكوفة فدخلت في مرجعي إلى مسجدها ، فبينا أنا واقف في المسجد أريد الصلاة ، إذا أمامي امرأة أعرابية بدوية مرخية الذوائب ، عليها شملة وهي تنادي وتقول :
يا مشهورًا في السماوات، يا مشهوراً في الأرضين ، يا مشهوراً في الآخرة ، يا مشهوراً في الدنيا ، جَهِدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك وإخماد ذكرك ، فأبى الله لذكرك إلا علوّا ، ولنورك إلا ضياءً وتماماً ولو كره المشركون .
فقلتُ : يا أمة الله !.. ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة ؟ ..
قالت : ذاك أمير المؤمنين ، فقلت لها : أي أمير المؤمنين هو ؟..
قالت : علي بن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد إلا به وبولايته ، قال : فالتفتُّ إليها فلم أر أحدا.
قال الله تعالى : اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) سورة النور
قال الإمام علي : ويل لمن يقرأها ولا يفهم معناها ....
ونور الله في ظلمات الأرض ::
نور المهدي من آل محمد صلوات الله عليه ...
قال الله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) سورة الزمر
فكل حب المؤمن للأشياء سواء الموجودات أو المغيبات , ومنها النور المبين تبعاً لحب الله لها,
وبغضه لهؤلاء أو تلك تبعاً لبغض الله لها ,
قال الله تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) سورة البقرة
فهواه إرضاء ربه , ومبتغاه طاعة معبوده ,
فالعبد عندما يضع هذا الشرط نصب عينه ,
لا يرَى لنفسه ومطالبها معنى ,
ولا لهواه وملذاته مغزى,
فهو منكر لذاته,
معرضاً عن شهوات نفسه ,
لأنه يرى أن الأعمال التي لا تحببه لمعبوده و لا تقربه من خالقه غير محببة لديه بل يعدها من اللهو أو مما لا يرضي الله سبحانه وتعالى ,
فهو يحاول أن يبتعد عنها ,
بل ينكرها بقلبه ويستعيذ منها بلسانه ,
، وكل الذي يريد أن يكون عمله خالصاً لوجهه الكريم ,
قال عنوان البصري : قدمت إلى الإمام جعفر الصادق (ع) المدينة اختلفت إليه ، وأحببت أن آخذ عنه فدخلت وسلّمت عليه ، فردّ السلام وقال : اجلس غفر الله لك ، فجلست فأطرق ملياً ثم رفع رأسه وقال : أبو مَن ؟.. قلت : أبو عبد الله ، قال : ثبّت الله كنيتك ووفّقك ، يا أبا عبد الله ما مسألتك ؟!.. فقلت في نفسي : لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيراً ، ثم رفع رأسه ثم قال : ما مسألتك ؟.. فقلت : سألت الله أن يعطف قلبك عليّ ويرزقني من علمك ، وأرجو أنّ الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته ،
و فقال : يا أبا عبد الله !.. ليس العلم بالتعلّم ، إنما هو نورٌ يقع في قلب مَن يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية ، واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك .
قلت : يا شريف !.. فقال : قل : يا أبا عبد الله ، قلت : يا أبا عبد الله !.. ما حقيقة العبودية ؟.. قال : ثلاثة أشياء : أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله الله مِلكاً ، لأنّ العبيد لا يكون لهم مِلكٌ ، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به .. ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا .. وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه .
فإذا لم يرَ العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالى مُلكاً ، هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه ، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره ، هان عليه مصائب الدنيا ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه ، لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس .. فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هانت عليه الدنيا ، وإبليس والخلق ، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً ، ولا يطلب ما عند الناس عزّاً وعلوّاً ، ولا يدع أيامه باطلاً .. فهذا أول درجة التقى ، قال الله تبارك وتعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين } .انتهى
كل هدف المؤمن رضى الله سبحانه وتعالى,
وكل هدفه نجاحه في هذا الابتلاء أو الامتحان الذي امتحنه الله به ,
وليس ناظراً في ذلك أعماله وأفعاله فقط بل يتعدى ذلك إلى ما هو أدق وأعلى غربلة مما نتصور ,
بل في حركاته وسكناته ,
وفي خلواته ونشاطه ,
وفي مرئياته ومعتقداته ,
وفي أودائه و خلطائه,
فهو يحب العدل لأن الله يحبه ,
ويكره الظلم لأن الله يمقت أهله ,
قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) سورة الأحزاب
فلا يحب هذا العمل إلا لأن الله يحبه ويثيب عليه,
ولا يمقت هذا القول إلا لأن الله يمقته ويحرمه,
فهو إذاً يحاول أن يمتثل لأوامر الله ونهيه,
قال الإمام الصادق (ع) : العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله ، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه ، والعارف أمين ودائع الله ، وكنز أسراره ، ومعدن نوره ، ودليل رحمته على خلقه ، ومطيّة علومه ، وميزان فضله وعدله ، قد غني عن الخلق والمراد والدنيا ، فلا مونس له سوى الله ، ولا نطق ولا إشارة ولا نفس إلا بالله ولله ومن الله ومع الله ، فهو في رياض قدسه متردّد ، ومن لطائف فضله إليه متزوّد ، والمعرفة أصلٌ فرعه الإيمان .انتهى
والمؤمن يجعل الله نصب عينيه كأنه يراه , بل يعتقد أنه أقرب إليه من حبل الوريد,
وكأنه يقف بين يديه , فيراه عياناً , والحق هو بين يديه بلاشك ولاريب , فيكون قلبه خاضعاً متذللاً خاشعاً,
والمؤمن يرى ربه هو الحاكم والمدبر والمشرع , وجميع الكائنات تحت مشيئته وإرادته وتحت تصرفه وقدرته ,
والمؤمن يرى نفسه عبد لمولاه فقير محتاج قاصر و جاهل في كل نفس أو طرفة عين ,
فكل شيء ذكره الله في كتابه وامتدحه أحبه , أو ورد في سنة نبيه وحبب له , أو أجراه على لسان النبوة والعترة , وأوليائه ورغب فيه امتثل له وأحبه .
ففي الدنيا للمؤمنين نور
يقول الله تعالى : أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (122) سورة الأنعام
وفي يوم القيامة لهم نور,
قال الله تعالى : يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) سورة الحديد
وفي الحديث أيضاً نقتبس مايدل على أن للمؤمنين نوراً ببركة الحسين عليه السلام
قال السجاد (ع) : بلغني يا زايدة أنك تزور قبر أبي عبد الله (ع) أحياناً ؟.. فقلت :
إنّ ذلك لكَما بلغكَ ،.......
ثم يبعث الله قوماً من أمتك ، لا يعرفهم الكفّار ، لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية ، فيوارون أجسامهم ، ويقيمون رسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق ، وسببا للمؤمنين إلى الفوز ، وتحفّه ملائكة من كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم وليلة ، ويصلّون عليه ، ويسبّحون الله عنده ، ويستغفرون الله لزوّاره ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائراً من أمتك ، متقرّباً إلى الله وإليك بذلك ، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم ، ويسِمون في وجوههم بميسم نور عرش الله :
" هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء ".
فإذا كان يوم القيامة ، سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نورٌ ، تغشى منه الأبصار ، يدلّ عليهم ويُعرفون به . انتهى
ونسأل الله الكريم أن يمن علينا بإيمان خالص , ويقيناً صادقاً , ونوراً هادياً ...
دخلنا مع عليّ (ع) إلى صفين ، فلما حاذى نينوى نادى :
صبراً يا أبا عبد الله !.. فقال : دخلت على رسول الله وعيناه تفيضان ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. ما لعينيك تفيضان ؟.. أغْضبَك أحدٌ ؟.. قال :
لا ، بل كان عندي جبرائيل ، فأخبرني أنّ الحسين يُقتل بشاطئ الفرات ، وقال : هل لك أن أشمّك من تربته ؟.. قلت : نعم ، فمدّ يده فأخذ قبضةً من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا ، واسم الأرض كربلاء .
فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلى سفرٍ ، فوقف في بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه ، فسُئل عن ذلك ، فقال :
هذا جبرائيل يخبرني عن أرضٍ بشط الفرات يقال لها كربلاء ، يُقتل فيها ولدي الحسين ، وكأني أنظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه بها ، وكأني أنظر على السبايا على أقتاب المطايا ، وقد أُهدي رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه الله ، فوالله ما ينظر أحدٌ إلى رأس الحسين ويفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه ، وعذّبه الله عذاباً أليماً .
ثم رجع النبي من سفره مغموماً مهموماً كئيباً حزيناً ، فصعد المنبر وأصعد معه الحسن والحسين ، وخطب ووعظ الناس ، فلما فرغ من خطبته ، وضع يده اليمنى على رأس الحسن ويده اليسرى على رأس الحسين ، وقال :
اللهم !.. إنّ محمداً عبدك ورسولك ، وهذان أطائب عترتي ، وخيار أرومتي ، وأفضل ذريتي ومن أخلفهما في أمتي ، وقد أخبرني جبرائيل أنّ ولدي هذا مقتولٌ بالسمّ ، والآخر شهيدٌ مضرّجٌ بالدم .
اللهم !.. فبارك له في قتله ، واجعله من سادات الشهداء .
اللهم !.. ولا تبارك في قاتله وخاذله ، وأصلِه حرّ نارك ، واحشره في أسفل درك الجحيم .
فضجّ الناس بالبكاء والعويل ، فقال لهم النبي : أيها الناس !.. أتبكونه ولا تنصرونه ؟..
اللهم !.. كن أنت له وليّاً وناصراً ، ثم قال :
ياقوم !.. إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي ، وأرومتي ، ومزاج مائي ، وثمرة فؤادي ، ومهجتي .. لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم عنه ، أسألكم عن المودة في القربى ، واحذروا أن تلقوني غداً على الحوض وقد آذيتم عترتي ، وقتلتم أهل بيتي وظلمتموهم .
ألا إنه سيرد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة :
الأولى : رايةٌ سوداء مظلمةٌ قد فزعت منها الملائكة ، فتقف عليّ فأقول لهم : من أنتم ؟.. فينسون ذكري ، ويقولون : نحن أهل التوحيد من العرب ، فأقول لهم : أنا أحمد نبي العرب والعجم ، فيقولون : نحن من أمتك ، فأقول : كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي وعترتي وكتاب ربي ؟..
فيقولون : أما الكتاب فضيّعناه ، وأما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض ، فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي ، فيصدرون عطاشى مسوّدة وجوههم ..
ثم ترد عليّ رايةٌ أخرى أشدّ سواداً من الأولى ، فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين : كتاب الله ، وعترتي ؟.. فيقولون :
أما الأكبر فخالفناه ، وأما الأصغر فمزّقناهم كلّ ممزق، فأقول : إليكم عني !.. فيصدرون عطاشى مسوّدة وجوههم ..
ثم ترد عليّ رايةٌ تلمع وجوههم نوراً ، فأقول لهم : من أنتم ؟.. فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى من أمة محمد المصطفى ، ونحن بقية أهل الحقّ ، حملنا كتاب ربنا ، وحلّلنا حلاله وحرّمنا حرامه ، وأحببنا ذرية نبينا محمد ، ونصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم مَن ناواهم ، فأقول لهم : أبشروا !.. فأنا نبيكم محمد ولقد كنتم في الدنيا كما قلتم ، ثم أسقيهم من حوضي ، فيصدرون مرويين مستبشرين ، ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين .
والنور له قسمان في مضمون هذه الرواية
سألت أبا عبدالله (ع) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل ، فقال :......
قال لقمان .....يا بني!.. خف الله خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك .. فقال له ابنه : يا أبه ، وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟.. فقال له لقمان :
يا بني !..لو استخرج قلب المؤمن فشُقّ لوجد فيه نوران : نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله ، ومن يصدّق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدّق ما قال الله ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ، ومن يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ، ومن يطع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخط الله ..
يا بني!.. لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين .
--
قال الله تعالىخذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد الله الذي خلق النور من النور ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ..
الحمد الله الذي هو بالعز مذكور ، وبالفخر مشهور ، وعلى السراء والضراء مشكور ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ..
والحمدلله الذي منّ علي بكم ، ونوّر قلبي بنور هدايتكم ، وجعلني من المعتصمين بحبل ولايتكم ،
قال رسول الله (ص) : خمس لا يجتمعن إلا في مؤمن حقا ، يوجب الله له بهن الجنة : النور في القلب ، والفقه في الإسلام ، والورع في الدين ، والمودة في الناس ، وحسن السمت في الوجه . ص219
المصدر: كنز الكراجكي
قال الإمام الباقر (ع) : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ، ثم تلا هذه الآية : { إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين } .
فالعين المجردة لا يمكن أن تبصر الأشياء إلا بانعكاس النور عليها أو الضوء .
وإلا فالعين لن ترى إلا الظلمة والسواد , والإبصار هو بنور الحق ونور اليقين
ويروى في الحديث ,
قال الإمام الصادق (ع) في قول الله تبارك وتعالى { واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه } : يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حق .
بيان: يمكن أن تكون الحيلولة بالهدايات والألطاف الخاصة زائدا على الأمر والنهي ، ويحتمل أن يكون مخصوصا بالمقربين الذين يملك الله قلوبهم ويستولي عليها بلطفه ، ويتصرّف فيها بأمره ، فلا يشاؤون شيئا إلا أن يشاء الله ، ولا يريدون إلا ما أراد الله .
فهو تعالى في كل آن يفيض على أرواحهم ، ويتصرّف في أبدانهم ، فهم ينظرون بنور الله ، ويبطشون بقوة الله ، كما قال تعالى فيهم : فبي يسمع ، وبي يبصر ، وبي ينطق ، وبي يمشي ، وبي يبطش ، وقال جلّ وعزّ : كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه .انتهى
فالمؤمن ينظر بعين الله , وينظر بنور الله
قال رسول الله (ص) : خمس لا يجتمعن إلا في مؤمن حقا ، يوجب الله له بهن الجنة : النور في القلب ، والفقه في الإسلام ، والورع في الدين ، والمودة في الناس ، وحسن السمت في الوجه . ص219
المصدر: كنز الكراجكي
قال الإمام الرضا (ع) : إنّا عن الله وعن رسوله نحدّث ، ولا نقول : قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا ، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أولنا ، وكلام أولنا مصداقٌ لكلام آخرنا ، وإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه وقولوا : أنت أعلم وما جئت به ، فإنّ مع كلّ قولٍ منّا حقيقةً وعليه نورٌ ، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان . ص250
المصدر: الكشي
وقد ورد عنهم في الزيارة الجامعة في بيان وحدة نور النبي والأئمة عليهم السلام في عالم الخلق والحجة قوله : ( أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي، وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة ، طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ، حتى من علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلاتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا ، فكنا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم ) .
مانصه :
السلام على الأئمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة الولاة ، والذادة الحماة ، أهل الذكر ، وأولي الأمر ، وبقية الله ، وخيرته ، وحزبه ، وعيبة علمه ، وحجته ، وصراطه ، ونوره ، وبرهانه ، ورحمة الله وبركاته .
واختاركم لسره ، واجتباكم بقدرته ، وأعزكم بهداه ، وخصكم ببرهانه ، وانتجبكم لنوره ، وأيدكم بروحه ،
فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم زاهق ، والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم ، وأنتم أهله ومعدنه ، وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابه عليكم ، وفصل الخطاب عندكم ، وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ، ونوره وبرهانه عندكم ، وأمره إليكم .
أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي، وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة , طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ، حتى من علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ،
ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم ، وعظم خطركم ، وكبر شأنكم ، وتمام نوركم وصدق مقاعدكم ، وثبات مقامكم ، وشرف محلكم ،
مواليَّ لا أحصي ثنائكم ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار وحجج الجبار
وذل كل شئ لكم ، وأشرقت الأرض بنوركم ، وفاز الفائزون بولايتكم
كلامكم نور ، وأمركم رشد ، ووصيتكم التقوى ، وفعلكم الخير ، وعادتكم الإحسان ، وسجيتكم الكرم ،
وهذه نصوص من الزيارة الجامعة مايدل معناها على النور
السلام على أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأعلام التقى
وشهداء على خلقه ، وأعلاماً لعباده ، ومناراً في بلاده ، وأدلاء على صراطه ،
قال رسول الله (ص) : إنّ الله عزّ وجلّ يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم : لم أضع نوري وحكمتي في صدروكم ، إلا وأنا أريد بكم خير الدنيا والآخرة ، اذهبوا فقد غفرت لكم ما كان منكم . ص16
المصدر: العلل
فالعين التي ينظر بها المؤمن هي عين البصيرة أي القلب النوراني لا عين الباصرة أو العين
وهي امتداد لنور من أنوار الله سبحانه وتعالى,
قال الإمام الصادق (ع) : دعامة الإنسان العقل ، ومن العقل : الفطنة ، والفهم ، والحفظ ، والعلم .. فإذا كان تأييد عقله من النور ، كان عالما حافظا زكيا فطنا فهما ، وبالعقل يكمل ، وهو دليله ومبصّره ومفتاح أمره . اه
فهو يسمع ويتأمل ويبصر ويتفكر بهذا النور المنزل من ربه , ويتفكر في الأشياء والعوالم والموجودات , وهي بلا شك تسبح بحمد ربها ,
ومن خلال هذا النور الرباني تتبدد أمامه كل ظلمات الوهم , وتنجلي عنه شكوك الضلال , وخطرات الريب , وينكشف له مكنون الغيب .
دخلت على أبي عبد الله (ع) ومعي رجلٌ من أصحابنا ، فقلت له : جعلت فداك يا بن رسول الله !.. إني لأغتمّ وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا ، فقال أبو عبد الله (ع) : إنّ ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا ، إذا دخل علينا حزنٌ أو سرورٌ كان ذلك داخلا عليكم ، لأنا وإياكم من نور الله عزّ وجلّ ، فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة .... الخبر .
مدينة الرسول الأعظم مدينة التسامح والسلام، لقبت بـ (المنورة) بدلا عن يثرب الاسم القديم، لأنها تنورت وتشرفت بنور النبي محمد عندما هاجر إليها، واتخذها سكنا وعاصمة للرسالة الإسلامية، وازدادت شرفا ومكانة وبركة وطهارة باحتضان جسد خاتم الأنبياء والمرسلين حبيبنا الكريم محمد .
والله سبحانه جعل امتداد نوره , في محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام ليشع علينا في الأرض ,
وقد ورد في الزيارة الجامعة ( كلامكم نور , وأمركم رشد, ووصيتكم التقوى , وفعلكم الخير )
قال الإمام علي (ع) : وليس كل أصحاب رسول الله (ص) يسأله عن الشيء فيفهم ، كان منهم من يسأله ولا يستفهمه ،............
ثم وضع (ص) يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكما ونورا ،...انتهى
وقال الله تعالى : (إنها لا تعمى الأبصار إنما تعمى القلوب التي في الصدور )
وقال الله تعالى : وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40) سورة النور
وقال الله تعالى : أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) سورة الزمر
وقال الله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) سورة الزمر
وقال الله تعالى : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( سورة التغابن
وقال الله تعالى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) سورة الشورى
ومن يتبع آيات الله وصراطه المستقيم ونورهم سيزيد الله من نوره ودرجته في درجة الصديقين والشهداء.
وقال الله تعالى : وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) سورة الحديد
وقال الله تعالى : ولنسأل أنفسنا من هو هذا القمر المنير والشمس المضيئة في هذه الآية؟
قال الله تعالى : وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) سورة نوح
فالمؤمن عندما يهتدي بنور الله ونور محمد وآله الطاهرين ص يحب مصدر هذا النور, ولايشرك معه أحداً,
قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (9) سورة الحديد
و لا يحب سوى الله , ولايهتدي بغيره ,
بل يهتدي بنور الآيات البينات من نور محمد وآله ص, التي تعرفه عندما يتمسك بهم بخالقه ,
ولا يحب إلا الله ولله , لامعبود سواه لاشريك له,
قال الله تعالى : فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175) سورة النساء
وعندما يغضب المؤمن لا يغضب إلا لله
ولا يبغض إلا لله
فقد جعل الله حبه الأكبر
ومثله الأعلى,
ومبلغ رضاه,
فما هو مبلغ رضا الله سبحانه وتعالى ؟
قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28) سورة الحديد
فما هما الكفلين من الرحمة ؟
قال الله تعالى : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( سورة التغابن
فما هو هذا النور الذي أنزله الله وأمرنا أن نؤمن به ؟
فهل سنقول هو كتاب الله ؟
كما يقول البعض أن نور الله هو كتاب الله ,
وحبل الله هو كتاب الله أو عهد الله ,
وهذه الآية تقول قد جاءكم من الله نور وكتاب ,
فهل الكتاب هو النور ؟
وفي زيارة الإمام علي ع للسلام على رسول الله ص.. ثم حملها على يده وأقبل بها إلى قبر أبيها ونادى : السلام عليك يارسول الله !.. السلام عليك يا حبيب الله !.. السلام عليك يا نور الله !.. السلام عليك يا صفوة الله !..
أم الكتاب يحتاج إلى ناطق يستضيء به من هو محتاج لهذا النورالمنزل؟
قال الله تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16) سورة المائدة
فالمؤمن يحب الله لأن الله يحبه ,
والله كما نعلم يحب عبيده ,
والمؤمن يحب هؤلاء العبيد من حب الله لهم ,
ويحب خاصة عبيده الذين أمر الله بحبهم وصلتهم وودهم لأنه منهم فهو يحبهم من أجله ,
ويوالي من والوا ويعادي من عادوا.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال لبعض أصحابه ذات يوم : يا عبد الله !.. أحبب في الله ، وأبغض في الله ، ووالِ في الله ، وعادِ في الله ، فإنّه لا تُنال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد رجلٌ طعم الإيمان - وإن كثُرت صلاته وصيامه - حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة النّاس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً ، فقال له : وكيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله عزّ وجلّ ؟.. ومَن وليّ الله عزّ وجلّ حتّى أواليه ، ومَن عدوّه حتّى أُعاديه ؟!.. فأشار له رسول الله (ص) إلى عليّ (ع) ، فقال : أترى هذا ؟.. فقال : بلى ، قال : وليُّ هذا وليُّ الله فواله ، وعدوُّ هذا عدوُّ الله فعاده ، والِ وليَّ هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك ، وعادِ عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك .جواهر البحار
ويحب الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم و عترته الطاهرة , وسائر أولياء الله وعباده الصالحين السائرين على صراطه المستقيم والمتمسكين بمحبتهم وولايتهم , لأن الله يحبهم وأمر بحبهم والسير على هداهم ,
عن النبي (ص) في خبر طويل في وصف المعراج ساقه إلى أن قال :
ثم عرج بي إلى السماء السابعة ، فسمعتُ الملائكة يقولون لما أن رأوني : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم تلقّوني وسلّموا عليّ ، وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : يا ملائكة ربي !.. سمعتكم تقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، فما الذي صدقكم ؟.. قالوا :
يا نبي الله !.. إنّ الله تبارك وتعالى لما أن خلقكم أشباح نور من سناء نوره ومن سناء عزّه ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، عرض ولايتكم علينا ورسَخَت في قلوبنا ، فشكونا محبتك إلى الله ، فوعد ربنا أن يريناك في السماء معنا ، وقد صدقنا وعده .
قال الله تعالى : فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف
قال الإمام الباقر (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى لما أسرى بنبيه (ص) قال له : يا محمد !.. إنه قد انقضت نبوتك ، وانقطع أكلك ، فمَن لأمتك من بعدك ؟.. فقلت : يا ربّ !.. إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي بن أبي طالب ، فقال عزّ وجلّ : ولي يا محمد !.. فمَن لأمتك ؟.. فقلت : يا ربّ !.. إني قد بلوت خلقك ، فلم أجد أحداً أشدّ حباً لي من علي بن أبي طالب ، فقال عزّ وجلّ : ولي يا محمد !.. فأبلغه أنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونورٌ لمن أطاعني . إ ه
اللهم اجعلنا ممن يحبهم ويتبع النور الذي أنزل مع النبي ص ,
قال رسول الله (ص) : لما عُرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربي جلّ جلاله :
يا محمد !.. أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع ، وإياي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، وبي فثق ، فإني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيا ، وبأخيك علي خليفةً وباباً ، فهو حجّتي على عبادي ، وإمامٌ لخلقي ، به يُعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يُميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يُقام ديني ، وتُحفظ حدودي ، وتُنفّذ أحكامي ..
وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتحليلي وتكبيري وتمجيدي ، وبه أًطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى ، وكلمتي العليا ، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيتي ، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي لتؤيّده على إنفاذ أمري ، وإعلان ديني ، ذلك وليي حقا ومهدي عبادي صدقا. انتهى
قال أمير المؤمنين (ع) في رسالته إلى سهل بن حنيف رحمه الله : والله ما قلعتُ باب خيبر ورميتُ به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية ، ولا حركة غذائية ، لكني أُيّدت بقوة ملكوتية ، ونفس بنور ربها مضيئة .. وأنا من أحمد كالضوء من الضوء ، انتهى
كنت ببغداد عند قاضي بغداد واسمه سماعة ، إذ دخل عليه رجل من كبار أهل بغداد ، فقال له : أصلح الله القاضي ، إني حججت في السنين الماضية ، فمررت بالكوفة فدخلت في مرجعي إلى مسجدها ، فبينا أنا واقف في المسجد أريد الصلاة ، إذا أمامي امرأة أعرابية بدوية مرخية الذوائب ، عليها شملة وهي تنادي وتقول :
يا مشهورًا في السماوات، يا مشهوراً في الأرضين ، يا مشهوراً في الآخرة ، يا مشهوراً في الدنيا ، جَهِدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك وإخماد ذكرك ، فأبى الله لذكرك إلا علوّا ، ولنورك إلا ضياءً وتماماً ولو كره المشركون .
فقلتُ : يا أمة الله !.. ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة ؟ ..
قالت : ذاك أمير المؤمنين ، فقلت لها : أي أمير المؤمنين هو ؟..
قالت : علي بن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد إلا به وبولايته ، قال : فالتفتُّ إليها فلم أر أحدا.
قال الله تعالى : اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) سورة النور
قال الإمام علي : ويل لمن يقرأها ولا يفهم معناها ....
ونور الله في ظلمات الأرض ::
نور المهدي من آل محمد صلوات الله عليه ...
قال الله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) سورة الزمر
فكل حب المؤمن للأشياء سواء الموجودات أو المغيبات , ومنها النور المبين تبعاً لحب الله لها,
وبغضه لهؤلاء أو تلك تبعاً لبغض الله لها ,
قال الله تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) سورة البقرة
فهواه إرضاء ربه , ومبتغاه طاعة معبوده ,
فالعبد عندما يضع هذا الشرط نصب عينه ,
لا يرَى لنفسه ومطالبها معنى ,
ولا لهواه وملذاته مغزى,
فهو منكر لذاته,
معرضاً عن شهوات نفسه ,
لأنه يرى أن الأعمال التي لا تحببه لمعبوده و لا تقربه من خالقه غير محببة لديه بل يعدها من اللهو أو مما لا يرضي الله سبحانه وتعالى ,
فهو يحاول أن يبتعد عنها ,
بل ينكرها بقلبه ويستعيذ منها بلسانه ,
، وكل الذي يريد أن يكون عمله خالصاً لوجهه الكريم ,
قال عنوان البصري : قدمت إلى الإمام جعفر الصادق (ع) المدينة اختلفت إليه ، وأحببت أن آخذ عنه فدخلت وسلّمت عليه ، فردّ السلام وقال : اجلس غفر الله لك ، فجلست فأطرق ملياً ثم رفع رأسه وقال : أبو مَن ؟.. قلت : أبو عبد الله ، قال : ثبّت الله كنيتك ووفّقك ، يا أبا عبد الله ما مسألتك ؟!.. فقلت في نفسي : لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيراً ، ثم رفع رأسه ثم قال : ما مسألتك ؟.. فقلت : سألت الله أن يعطف قلبك عليّ ويرزقني من علمك ، وأرجو أنّ الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته ،
و فقال : يا أبا عبد الله !.. ليس العلم بالتعلّم ، إنما هو نورٌ يقع في قلب مَن يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية ، واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك .
قلت : يا شريف !.. فقال : قل : يا أبا عبد الله ، قلت : يا أبا عبد الله !.. ما حقيقة العبودية ؟.. قال : ثلاثة أشياء : أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله الله مِلكاً ، لأنّ العبيد لا يكون لهم مِلكٌ ، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به .. ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا .. وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه .
فإذا لم يرَ العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالى مُلكاً ، هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه ، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره ، هان عليه مصائب الدنيا ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه ، لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس .. فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هانت عليه الدنيا ، وإبليس والخلق ، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً ، ولا يطلب ما عند الناس عزّاً وعلوّاً ، ولا يدع أيامه باطلاً .. فهذا أول درجة التقى ، قال الله تبارك وتعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين } .انتهى
كل هدف المؤمن رضى الله سبحانه وتعالى,
وكل هدفه نجاحه في هذا الابتلاء أو الامتحان الذي امتحنه الله به ,
وليس ناظراً في ذلك أعماله وأفعاله فقط بل يتعدى ذلك إلى ما هو أدق وأعلى غربلة مما نتصور ,
بل في حركاته وسكناته ,
وفي خلواته ونشاطه ,
وفي مرئياته ومعتقداته ,
وفي أودائه و خلطائه,
فهو يحب العدل لأن الله يحبه ,
ويكره الظلم لأن الله يمقت أهله ,
قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) سورة الأحزاب
فلا يحب هذا العمل إلا لأن الله يحبه ويثيب عليه,
ولا يمقت هذا القول إلا لأن الله يمقته ويحرمه,
فهو إذاً يحاول أن يمتثل لأوامر الله ونهيه,
قال الإمام الصادق (ع) : العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله ، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه ، والعارف أمين ودائع الله ، وكنز أسراره ، ومعدن نوره ، ودليل رحمته على خلقه ، ومطيّة علومه ، وميزان فضله وعدله ، قد غني عن الخلق والمراد والدنيا ، فلا مونس له سوى الله ، ولا نطق ولا إشارة ولا نفس إلا بالله ولله ومن الله ومع الله ، فهو في رياض قدسه متردّد ، ومن لطائف فضله إليه متزوّد ، والمعرفة أصلٌ فرعه الإيمان .انتهى
والمؤمن يجعل الله نصب عينيه كأنه يراه , بل يعتقد أنه أقرب إليه من حبل الوريد,
وكأنه يقف بين يديه , فيراه عياناً , والحق هو بين يديه بلاشك ولاريب , فيكون قلبه خاضعاً متذللاً خاشعاً,
والمؤمن يرى ربه هو الحاكم والمدبر والمشرع , وجميع الكائنات تحت مشيئته وإرادته وتحت تصرفه وقدرته ,
والمؤمن يرى نفسه عبد لمولاه فقير محتاج قاصر و جاهل في كل نفس أو طرفة عين ,
فكل شيء ذكره الله في كتابه وامتدحه أحبه , أو ورد في سنة نبيه وحبب له , أو أجراه على لسان النبوة والعترة , وأوليائه ورغب فيه امتثل له وأحبه .
ففي الدنيا للمؤمنين نور
يقول الله تعالى : أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (122) سورة الأنعام
وفي يوم القيامة لهم نور,
قال الله تعالى : يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) سورة الحديد
وفي الحديث أيضاً نقتبس مايدل على أن للمؤمنين نوراً ببركة الحسين عليه السلام
قال السجاد (ع) : بلغني يا زايدة أنك تزور قبر أبي عبد الله (ع) أحياناً ؟.. فقلت :
إنّ ذلك لكَما بلغكَ ،.......
ثم يبعث الله قوماً من أمتك ، لا يعرفهم الكفّار ، لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية ، فيوارون أجسامهم ، ويقيمون رسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق ، وسببا للمؤمنين إلى الفوز ، وتحفّه ملائكة من كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم وليلة ، ويصلّون عليه ، ويسبّحون الله عنده ، ويستغفرون الله لزوّاره ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائراً من أمتك ، متقرّباً إلى الله وإليك بذلك ، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم ، ويسِمون في وجوههم بميسم نور عرش الله :
" هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء ".
فإذا كان يوم القيامة ، سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نورٌ ، تغشى منه الأبصار ، يدلّ عليهم ويُعرفون به . انتهى
ونسأل الله الكريم أن يمن علينا بإيمان خالص , ويقيناً صادقاً , ونوراً هادياً ...
دخلنا مع عليّ (ع) إلى صفين ، فلما حاذى نينوى نادى :
صبراً يا أبا عبد الله !.. فقال : دخلت على رسول الله وعيناه تفيضان ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. ما لعينيك تفيضان ؟.. أغْضبَك أحدٌ ؟.. قال :
لا ، بل كان عندي جبرائيل ، فأخبرني أنّ الحسين يُقتل بشاطئ الفرات ، وقال : هل لك أن أشمّك من تربته ؟.. قلت : نعم ، فمدّ يده فأخذ قبضةً من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا ، واسم الأرض كربلاء .
فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلى سفرٍ ، فوقف في بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه ، فسُئل عن ذلك ، فقال :
هذا جبرائيل يخبرني عن أرضٍ بشط الفرات يقال لها كربلاء ، يُقتل فيها ولدي الحسين ، وكأني أنظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه بها ، وكأني أنظر على السبايا على أقتاب المطايا ، وقد أُهدي رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه الله ، فوالله ما ينظر أحدٌ إلى رأس الحسين ويفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه ، وعذّبه الله عذاباً أليماً .
ثم رجع النبي من سفره مغموماً مهموماً كئيباً حزيناً ، فصعد المنبر وأصعد معه الحسن والحسين ، وخطب ووعظ الناس ، فلما فرغ من خطبته ، وضع يده اليمنى على رأس الحسن ويده اليسرى على رأس الحسين ، وقال :
اللهم !.. إنّ محمداً عبدك ورسولك ، وهذان أطائب عترتي ، وخيار أرومتي ، وأفضل ذريتي ومن أخلفهما في أمتي ، وقد أخبرني جبرائيل أنّ ولدي هذا مقتولٌ بالسمّ ، والآخر شهيدٌ مضرّجٌ بالدم .
اللهم !.. فبارك له في قتله ، واجعله من سادات الشهداء .
اللهم !.. ولا تبارك في قاتله وخاذله ، وأصلِه حرّ نارك ، واحشره في أسفل درك الجحيم .
فضجّ الناس بالبكاء والعويل ، فقال لهم النبي : أيها الناس !.. أتبكونه ولا تنصرونه ؟..
اللهم !.. كن أنت له وليّاً وناصراً ، ثم قال :
ياقوم !.. إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي ، وأرومتي ، ومزاج مائي ، وثمرة فؤادي ، ومهجتي .. لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم عنه ، أسألكم عن المودة في القربى ، واحذروا أن تلقوني غداً على الحوض وقد آذيتم عترتي ، وقتلتم أهل بيتي وظلمتموهم .
ألا إنه سيرد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة :
الأولى : رايةٌ سوداء مظلمةٌ قد فزعت منها الملائكة ، فتقف عليّ فأقول لهم : من أنتم ؟.. فينسون ذكري ، ويقولون : نحن أهل التوحيد من العرب ، فأقول لهم : أنا أحمد نبي العرب والعجم ، فيقولون : نحن من أمتك ، فأقول : كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي وعترتي وكتاب ربي ؟..
فيقولون : أما الكتاب فضيّعناه ، وأما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض ، فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي ، فيصدرون عطاشى مسوّدة وجوههم ..
ثم ترد عليّ رايةٌ أخرى أشدّ سواداً من الأولى ، فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين : كتاب الله ، وعترتي ؟.. فيقولون :
أما الأكبر فخالفناه ، وأما الأصغر فمزّقناهم كلّ ممزق، فأقول : إليكم عني !.. فيصدرون عطاشى مسوّدة وجوههم ..
ثم ترد عليّ رايةٌ تلمع وجوههم نوراً ، فأقول لهم : من أنتم ؟.. فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى من أمة محمد المصطفى ، ونحن بقية أهل الحقّ ، حملنا كتاب ربنا ، وحلّلنا حلاله وحرّمنا حرامه ، وأحببنا ذرية نبينا محمد ، ونصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم مَن ناواهم ، فأقول لهم : أبشروا !.. فأنا نبيكم محمد ولقد كنتم في الدنيا كما قلتم ، ثم أسقيهم من حوضي ، فيصدرون مرويين مستبشرين ، ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين .
والنور له قسمان في مضمون هذه الرواية
سألت أبا عبدالله (ع) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل ، فقال :......
قال لقمان .....يا بني!.. خف الله خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك .. فقال له ابنه : يا أبه ، وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟.. فقال له لقمان :
يا بني !..لو استخرج قلب المؤمن فشُقّ لوجد فيه نوران : نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله ، ومن يصدّق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدّق ما قال الله ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ، ومن يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ، ومن يطع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخط الله ..
يا بني!.. لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين .
--
قال الله تعالىخذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
تمريّون- الإدارة
-
الإقامة : هجر
العمل/الترقيه : عامل
السٌّمعَة : 3
نقاط : 690
تاريخ التسجيل : 12/05/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2021, 6:32 am من طرف تمريّون
» من كتابات أم عماد المبارك رحمها الله تعالى
الأحد 10 مايو 2020, 3:01 pm من طرف المشرف العام
» منتدى أبوخمسين 12-10-1414 هـ
الخميس 22 سبتمبر 2016, 7:48 pm من طرف تمريّون
» معجم البابطين لشعراء القرنين ال 19 و 20
الأربعاء 31 أغسطس 2016, 4:43 pm من طرف تمريّون
» حول معنى كلمة .. الباطل يموت بترك ذكره .
السبت 28 مايو 2016, 12:10 pm من طرف تمريّون
» ياغيور ..
الثلاثاء 03 مايو 2016, 3:16 pm من طرف تمريّون
» رسائل بين الشاعرين الشامي ابن عيسى والهجري ابن الصحيح
السبت 26 ديسمبر 2015, 2:50 pm من طرف تمريّون
» تأمل في قول الرسول ( ص ) : (( صوموا تصحوا ))
الخميس 07 مارس 2013, 3:50 am من طرف تمريّون
» مـا أسـرع أيـامك يـاشهر رمضـان
الخميس 07 مارس 2013, 3:40 am من طرف تمريّون
» لكل يوم من شهر رمضان دعاء
الخميس 07 مارس 2013, 3:37 am من طرف تمريّون