لمحات مشرقة من حياة المقدس المامقاني
صفحة 1 من اصل 1
لمحات مشرقة من حياة المقدس المامقاني
من طرف أحمد المبارك الإثنين 23 يونيو 2008, 12:55 pm
بِسمِ الله الرَحمَنِ الرَّحِيمْ
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم أجمعين أبد الآبدين
7- كان رحمه الله تعالى من الشخصيات ذات الوجاهة العلمية والاجتماعية في النجف الأشرف ، فقد كان الساعد الأيمن لزعيم الشيعة الأكبر السيد الحكيم ( رضوان الله تعالى عليه ) وثقته ومعتمده وأحد أركان مرجعيته ، مما جعل له – بالإضافة إلى رصيده من الفضائل الذاتية والاكتسابية – موقعية مميزة وكبيرة عند جميع أعلام الحوزة النجفية .
وقد كان أُنسه بعد استقراره في قم المقدسة بمن حلَّ معه فيها من أعلام حوزة النجف الأشرف ، ولذا فإنَّ آلام الفراق كانت تعتصر قلبه الشريف كلما مضى أحدهم إلى ربه ، حتى سمعت ُ منه بعد رحيل أكثرهم قوله : " لقد أصبحت غريباً بعد رحيل هؤلاء "، بل قال لي ذات مرة – وأنا أريد الرجوع إلى القطيف – لو حملتك رسالة لشيخ القطيف الكبير ، الحجة المدقق – والألقاب مني أنا الناقل – الشيخ حسين العمران ( دام عزه ) هل كنت توصلها ؟ فقلت له : نعم ، أنا بخدمتكم ، فقال : قل له : يقول لك فلان – وأظنه ذكر إسمه الشريف - : " أنتَ غريب وأنا غريب ، والغريبان لا ينسى أحدهما الآخر من الدعاء ".
8- من تلامذته الذين تعلقوا به وأحبوه ، وساروا على هديه وسيرته ، سماحة العلامة الكبير ، الزاهد الورع ، المقدس الشيخ علي المرهون ( مدَّ الله في عمره طويلاً ) ، فقد حضر عنده في النجف الأشرف واستفاد من محضره الشريف ، وكان يحمل له في قلبه من المحبة والتقدير الكثير الكثير .
9- دخلتُ عليه في مرضه الأخير ، فوجدته مثال العبد الراضي بما قسم الله له من البلاء ، حيث كان لا يفتر لسانه عن الشكر والحمد طوال فترة جلوسي معه ، كما كان لا يتطلع لشيء وهو على فراش مرضه إلا لرؤية قبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في النجف الأشرف، فكان يتمنى العودة إلى تلك الرحاب بكل شوق ولهفة ، ليموت قرير العين بجوار حامي الجوار ( عليه السلام ) .
ولكن شدة المرض حالت بينه وبين تحقيق هذه الأمنية حياً، وكل رجائنا أن تتحقق له هذه الأمنية ميتاً.
* إذا سنح لي الوقت وضعت صورة للمقدس الشيخالمامقاني مع العلامة الشيخ علي المرهون حفظه الله .
10- وإِنْ أعجبُ لشيءٍ في حياة هذا الرجل، فلستُ أعجب إلا لبعدهِ عن كل مظاهر الدنيا وزخارفها، وترفعه عن بريق حطامها، رغم جميع ما كان يمتلكه من المؤهلات الكافية لوصوله إلى أعلى ما يريد غيره الوصول إليه من المواقع والمناصب.
حقاً لقد مات كما عاش طاهرَ الثوب نقيَ الذيل ، فلم يعرف كبراً ولا حسداً ولا غروراً ولا حقداً ولا كسلاً ولا توانياً ، بل كان رجلاً ملؤه التواضع والزهد والورع والتقوى والعلم وعلو الهمة ورفيع الأدب ، لقد كان الرجل ملائكياً بكل ما للكلمة من معنى .
ويحق للبعض أن يتساءل أيننا عن هذا الرجل ؟ ولمَ لم نسمع عنه قبل ذلك ؟ ولا عجب في ذلك ، فلقد كان الرجلُ بعيداً كل البعد عن كل دائرة ضوء ، ولعلنا يزعجنا رحيله من غير أن نرى لذلك ضجيجاً إعلامياً ، ولكنني أثق بأنَّ تمام أنسه بذلك ، فمثله من الأولياء وإن افتقدوا كل ما وجده غيرهم ، ولكنهم وجدوا ما افتقده الآخرون ، فنحن قد وجدنا كل شيء ولكننا افتقدنا أهم شيء ، وهم وجدوا أهم شيء وإن افتقدوا كل شيء ، وهل يضر ولي الله شيء إذا وجد الله وافتقد ما سواه ؟!
وليت سيرة هذا العظيم ، تكون منهجاً يحتذى به ، سيما لطلبة العلم الأعزاء الذين نتمنى أن نجدهم مظاهر ومجالي لمثل هذا الهدي والسلوك ، إذ ما أحوج مجتمعنا أن يرى ملائكة تمشي على وجه الأرض .
وآخر ما يمكننا قوله : رحم الله تلك الروح الطاهرة المطمئنة ، وحشرها مع مواليها الطاهرين محمد وآله المعصومين ( عليهم صلوات المصلين ) .
ولد سماحة اية الله محي الدين المامقاني في النجف الاشرف في صفر 1340 هجري الموافق عام 1920 ميلادية وهو نجل المرجع المحقق الكبير اية الله العظمى الشيخ عبد الله المامقاني مؤلف كتاب الموسوعة الرجالية (تنقيح المقال في احوال الرجال ) وحفيد المرجع الورع اية الله العظمى الشيخ محمد حسن المامقاني .
تحصيلة العلمي: درس الفقيد السعيد عند كبارمراجع الحوزة العلمية في النجف امثال المرجع السيد عبد الهادي الشيرازي والامام السيد محسن الحكيم والمرجع الميرزا باقر الزنجاني وحاز رتبة الاجتهاد وهو في مقتبل العمر وعرف عنه ملازمته للدرس والتدريس والبحث والتحقيق وقد تخرج على يديه عشرات العلماء والوكلاء وكان يجيد اللغات الثلاث العربية والفارسية والتركية اجادة تامة قرائة وكتابة .
وعرف عنه الزهد والورع والترفع عن ملاذ الدنيا وسمو النفس والجرأة في الحق في اشد الظروف خطورة حيث لا تاخذه في الله لومة لائم .
كما يعد مدرسة اخلاقية وهذا واضح لكل من تشرف بمقابلته او تتلمذ على يديه ..وكان محل اعتماد المرجعية وبالخصوص مرجعية الامام الحكيم حيث كان ساعدا امينا وفكرا ثاقبا واخلاصا منقطع النظير او قلّ مثيله في المثابرة على العمل والتفاني في خدمة خط اهل البيت (ع) بعيدا عن الاضواء .
وعند انقلاب البعث عام 1968 وعلى اثر هجمته الشرسة على المرجعية والحوزة الدينية ودور الفقيد في التصدي ضمن مرجعية الامام الحكيم الذي كان ملازما له ملازمة الظل وفي احلك الظروف قسوة ورعبا حيث كان ضمن قائمة المطلوبين للنظام المقبور ..حتى تمكن من الخروج من العراق في عام 1971 الى ايران وظل ملتزما بنهج التقى والورع ومواكبا للعلم والتحقيق رغم كل العروض المغرية التي قدمتها سلطات الشاه الا انه امتنع واحجم عن قبول اي شيء ..!
قام بتحقيق كتاب تنقيح المقال في موسوعة ضخمة فريدة في بابها وبجهد فردي غير معهود بلغ 60 مجلد وقد طبع منها 29 مجلد لحد الان، وله ايضا حاشية على شرح تجريد العلامة الحلي وحاشية على رسائل الشيخ الانصاري وحاشية على مرأة الكمال وحاشية على مراة الرشاد ...
وللفقيد الغالي ايادي كريمة في مساعدات كثيرة وجمة للمهجرين العراقين الى ايران وقدم مسكنه في النجف الى المفكر الاسلامي الشهيد الصدر للسكن فيه وكان مركزا لنشاطات الصدر ولخطه الجهادي فماكان من النظام الجائر بعد شهادة السيد الصدر الا تهديم ذلك المنزل بكل مايحتويه من كنوز العلم واثار ومخطوطات وتراث.
اجازات العلماء : حصل الفقيد السعيد على اجازات بالاجتهاد والرواية من المراجع العظام .. المرجع السيد ابو الحسن الاصفهاني المرجع الامام محمد حسين كاشف الغطاء المرجع السيد المرعشي النجفي المحقق الكبير الشيخ اقا بزرك الطهراني .
وللفقيد مواقف بطولية في التصدي للانحرافات ومقارعة الافكار الالحادية والهدامة طوال عمره الشريف وسواء في مجلسه المنيف اوفكره السديد ومداده الغزير ... علما بان عقيلة شهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم ابنة الفقيد الغالي .
وبعد طول زمن من الصبر على ابتلاء العلل والمرض ارتحلت روحه الزكية الى بارئها راضية مرضية وتغمد الله فقيدنا السعيد بواسع مغفرته وعظيم رضوانه في يوم الثلاثاء 6 جمادي الاخرة 1429 الموافق 10 / 6 / 2008.
فرحمك الله رحمة الأبرار يا محي الدين و الشريعة وحشرك الله مع محمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين
وساعد الله قلب ابنه العلامة الشيخ محمد رضاالمامقاني ( أبو مهدي ) ..فهو نعم الإبن البارّ بأبيه..
وألهمه الصبر والسلوان.
نعم عالم مجهول قدره إلا عند أهل العلم والمعرفة ، فقد كان بيته ملاذ لأهل العلم ومقصد للمراجع العظام ، فأكثر زائريه من هذه الطبقة . ( أمثال الآيات العظام : السيد المرعشي ،السيد الكلبياكاني ، السيد شريعت مداري ، السيد الكوكبي ، السيد محمد الروحاني ، الشيخ التبريزي ، السيد مهدي المرعشي ، السيد عباس الكاشاني ، السيد صادق الروحاني ، الشيخ الوحيد الخراساني).
وكان اخر من زار الفقيد المقدس الشيخالمامقاني في بيته آية الله المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني دام عزه ، كان ذلك قبل وفاته بأسبوع أو أقل من ذلك .
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم أجمعين أبد الآبدين
لمحات مشرقة من حياة المقدس آية الله الشيخ محي الدين المامقاني
بسم الله الرحمن الرحيم
( وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون) .
عظم الله أجور جميع المؤمنين برحيل العالم الصمداني الشيخ محيي الدين المامقاني، وبهذه المناسبة يطيب لي ذكر بعض اللمحات من حياته الشريفة :
1- كان رغم أتعابه وشيخوخته لا ينقطع عن زيارة السيدة المعصومة ( عليها السلام ) كل يوم ماشياً على قدميه ، حتى أعجزه المرض في سنيه الأخيرة .
2- كان آية من آيات التواضع التي قلَّ نظيرها ، فقد تشرفتُ بزيارته عدة مرات ، وكان يأبى إلا أن يهيأ الشاي بنفسه ، ويقدمه للضيوف مباشرة من غير مساعدة أحد ، مهما كثر عدد ضيوفه .
3- حضرتُ مجلسه الشريف عدة مرات ، فما كان يطال أحداً بكلمة سوء أبداً ، ولم أسمع منه في تلك الجلسات إلا ما يرضي الله تعالى ، فهو حقاً كان مصداق العالم الذي تذكرك الله رؤيته .
4- كانت استخارته من الاستخارات الموفقة جداً ، وأتذكر في المرات التي وصلتُ فيها بخدمته ما كان ينقطع تلفونه عن المتصلين الذين يعتقدون باستخارته ، ولعلّ سر توفيق استخاراته يكمن في عمق انقطاعه إلى خالقه حال الاستخارة ، بالشكل الذي ما كان يخفى على من أعطى التأمل حقه في ملامح وجهه عندما يستخير .
5- من وصاياه التي أتذكرها : وصيته بالاستغاثة بالسيدة المظلومة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في الحاجات الدنيوية ، من خلال المداومة على ذكر ( يا مولاتي يافاطمة أغيثيني ) ، والاستغاثة بالإمام الحجة المنتظر ( عجل الله فرج مقدمه الشريف ) في الحاجات المعنوية والأخروية .
6- كان رغم شيخوخته مثال الهمة والنشاط في التتبع والتحقيق ، فلا أتذكر أني دخلتُ عليه مرة – إذا كان بوحده – إلا والكتب والأوراق والقلم بين يديه ، فكان يسعى بكل ما أُوتي من قوة لإنهاء عمله الموسوعي الكبير ، وهو تحقيق وتتميم أكبر موسوعة رجالية عند الشيعة ، المسماة بـ ( تنقيح المقال ) – التي هي موسوعة والده المعروف بالعلامة الثاني الشيخ عبد الله المامقاني ( رضوان الله عليه ) – فقد كانت هذه الموسوعة مطبوعة على الحجر في ثلاثة مجلدات كبار ، وبفضل جهود الشيخ الراحل قد طبعت في حلة جديدة قد تصل إلى أكثر من خمسين مجلداً .
والذي يجدر ذكره أنه لم يكتفِ بتحقيق الموسوعة كما هي ، بل أضاف إليها الكثير الكثير مما لا تستطيع القيام به إلا المؤسسات القائمة على العمل الجماعي ، وقد أدهش عمله كل من طالع الموسوعة في ثوبها الجديد ، من حيث قوة التتبع والتدقيق ، وضخامة الاستدراك ، وعمق المناقشة للإشكالات التي أثارها العلامة التستري ( رحمه الله ) على هذه الموسوعة في موسوعته الشهيرة ( قاموس الرجال ) .
ولا أنسى أن أذكر – كما سمعتُ منه مباشرة طيب الله ثراه – أن عمله التحقيقي هذا قد جاء بمباركة وإصرار المرجعين الكبيرين السيد الحكيم والسيد الخوئي ( أعلى الله في الخلد درجتهما ) ، مما يؤكد ثقتهما واعتقادهما بمقامه العلمي وقدرته على القيام بهذه المهمة الكبرى .
وكم رجونا ودعونا وتمنينا أن يمد الله في عمره لتقر عيناه برؤية الموسوعة وقد طبعت بتمامها ، بعد أن طبع أكثر من نصفها ، ولكن شوق الله تعالى والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) إليه ، قد تعجل بروحه الطاهرة إلى الجنة .
بسم الله الرحمن الرحيم
( وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون) .
عظم الله أجور جميع المؤمنين برحيل العالم الصمداني الشيخ محيي الدين المامقاني، وبهذه المناسبة يطيب لي ذكر بعض اللمحات من حياته الشريفة :
1- كان رغم أتعابه وشيخوخته لا ينقطع عن زيارة السيدة المعصومة ( عليها السلام ) كل يوم ماشياً على قدميه ، حتى أعجزه المرض في سنيه الأخيرة .
2- كان آية من آيات التواضع التي قلَّ نظيرها ، فقد تشرفتُ بزيارته عدة مرات ، وكان يأبى إلا أن يهيأ الشاي بنفسه ، ويقدمه للضيوف مباشرة من غير مساعدة أحد ، مهما كثر عدد ضيوفه .
3- حضرتُ مجلسه الشريف عدة مرات ، فما كان يطال أحداً بكلمة سوء أبداً ، ولم أسمع منه في تلك الجلسات إلا ما يرضي الله تعالى ، فهو حقاً كان مصداق العالم الذي تذكرك الله رؤيته .
4- كانت استخارته من الاستخارات الموفقة جداً ، وأتذكر في المرات التي وصلتُ فيها بخدمته ما كان ينقطع تلفونه عن المتصلين الذين يعتقدون باستخارته ، ولعلّ سر توفيق استخاراته يكمن في عمق انقطاعه إلى خالقه حال الاستخارة ، بالشكل الذي ما كان يخفى على من أعطى التأمل حقه في ملامح وجهه عندما يستخير .
5- من وصاياه التي أتذكرها : وصيته بالاستغاثة بالسيدة المظلومة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في الحاجات الدنيوية ، من خلال المداومة على ذكر ( يا مولاتي يافاطمة أغيثيني ) ، والاستغاثة بالإمام الحجة المنتظر ( عجل الله فرج مقدمه الشريف ) في الحاجات المعنوية والأخروية .
6- كان رغم شيخوخته مثال الهمة والنشاط في التتبع والتحقيق ، فلا أتذكر أني دخلتُ عليه مرة – إذا كان بوحده – إلا والكتب والأوراق والقلم بين يديه ، فكان يسعى بكل ما أُوتي من قوة لإنهاء عمله الموسوعي الكبير ، وهو تحقيق وتتميم أكبر موسوعة رجالية عند الشيعة ، المسماة بـ ( تنقيح المقال ) – التي هي موسوعة والده المعروف بالعلامة الثاني الشيخ عبد الله المامقاني ( رضوان الله عليه ) – فقد كانت هذه الموسوعة مطبوعة على الحجر في ثلاثة مجلدات كبار ، وبفضل جهود الشيخ الراحل قد طبعت في حلة جديدة قد تصل إلى أكثر من خمسين مجلداً .
والذي يجدر ذكره أنه لم يكتفِ بتحقيق الموسوعة كما هي ، بل أضاف إليها الكثير الكثير مما لا تستطيع القيام به إلا المؤسسات القائمة على العمل الجماعي ، وقد أدهش عمله كل من طالع الموسوعة في ثوبها الجديد ، من حيث قوة التتبع والتدقيق ، وضخامة الاستدراك ، وعمق المناقشة للإشكالات التي أثارها العلامة التستري ( رحمه الله ) على هذه الموسوعة في موسوعته الشهيرة ( قاموس الرجال ) .
ولا أنسى أن أذكر – كما سمعتُ منه مباشرة طيب الله ثراه – أن عمله التحقيقي هذا قد جاء بمباركة وإصرار المرجعين الكبيرين السيد الحكيم والسيد الخوئي ( أعلى الله في الخلد درجتهما ) ، مما يؤكد ثقتهما واعتقادهما بمقامه العلمي وقدرته على القيام بهذه المهمة الكبرى .
وكم رجونا ودعونا وتمنينا أن يمد الله في عمره لتقر عيناه برؤية الموسوعة وقد طبعت بتمامها ، بعد أن طبع أكثر من نصفها ، ولكن شوق الله تعالى والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) إليه ، قد تعجل بروحه الطاهرة إلى الجنة .
7- كان رحمه الله تعالى من الشخصيات ذات الوجاهة العلمية والاجتماعية في النجف الأشرف ، فقد كان الساعد الأيمن لزعيم الشيعة الأكبر السيد الحكيم ( رضوان الله تعالى عليه ) وثقته ومعتمده وأحد أركان مرجعيته ، مما جعل له – بالإضافة إلى رصيده من الفضائل الذاتية والاكتسابية – موقعية مميزة وكبيرة عند جميع أعلام الحوزة النجفية .
وقد كان أُنسه بعد استقراره في قم المقدسة بمن حلَّ معه فيها من أعلام حوزة النجف الأشرف ، ولذا فإنَّ آلام الفراق كانت تعتصر قلبه الشريف كلما مضى أحدهم إلى ربه ، حتى سمعت ُ منه بعد رحيل أكثرهم قوله : " لقد أصبحت غريباً بعد رحيل هؤلاء "، بل قال لي ذات مرة – وأنا أريد الرجوع إلى القطيف – لو حملتك رسالة لشيخ القطيف الكبير ، الحجة المدقق – والألقاب مني أنا الناقل – الشيخ حسين العمران ( دام عزه ) هل كنت توصلها ؟ فقلت له : نعم ، أنا بخدمتكم ، فقال : قل له : يقول لك فلان – وأظنه ذكر إسمه الشريف - : " أنتَ غريب وأنا غريب ، والغريبان لا ينسى أحدهما الآخر من الدعاء ".
8- من تلامذته الذين تعلقوا به وأحبوه ، وساروا على هديه وسيرته ، سماحة العلامة الكبير ، الزاهد الورع ، المقدس الشيخ علي المرهون ( مدَّ الله في عمره طويلاً ) ، فقد حضر عنده في النجف الأشرف واستفاد من محضره الشريف ، وكان يحمل له في قلبه من المحبة والتقدير الكثير الكثير .
9- دخلتُ عليه في مرضه الأخير ، فوجدته مثال العبد الراضي بما قسم الله له من البلاء ، حيث كان لا يفتر لسانه عن الشكر والحمد طوال فترة جلوسي معه ، كما كان لا يتطلع لشيء وهو على فراش مرضه إلا لرؤية قبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في النجف الأشرف، فكان يتمنى العودة إلى تلك الرحاب بكل شوق ولهفة ، ليموت قرير العين بجوار حامي الجوار ( عليه السلام ) .
ولكن شدة المرض حالت بينه وبين تحقيق هذه الأمنية حياً، وكل رجائنا أن تتحقق له هذه الأمنية ميتاً.
* إذا سنح لي الوقت وضعت صورة للمقدس الشيخالمامقاني مع العلامة الشيخ علي المرهون حفظه الله .
10- وإِنْ أعجبُ لشيءٍ في حياة هذا الرجل، فلستُ أعجب إلا لبعدهِ عن كل مظاهر الدنيا وزخارفها، وترفعه عن بريق حطامها، رغم جميع ما كان يمتلكه من المؤهلات الكافية لوصوله إلى أعلى ما يريد غيره الوصول إليه من المواقع والمناصب.
حقاً لقد مات كما عاش طاهرَ الثوب نقيَ الذيل ، فلم يعرف كبراً ولا حسداً ولا غروراً ولا حقداً ولا كسلاً ولا توانياً ، بل كان رجلاً ملؤه التواضع والزهد والورع والتقوى والعلم وعلو الهمة ورفيع الأدب ، لقد كان الرجل ملائكياً بكل ما للكلمة من معنى .
ويحق للبعض أن يتساءل أيننا عن هذا الرجل ؟ ولمَ لم نسمع عنه قبل ذلك ؟ ولا عجب في ذلك ، فلقد كان الرجلُ بعيداً كل البعد عن كل دائرة ضوء ، ولعلنا يزعجنا رحيله من غير أن نرى لذلك ضجيجاً إعلامياً ، ولكنني أثق بأنَّ تمام أنسه بذلك ، فمثله من الأولياء وإن افتقدوا كل ما وجده غيرهم ، ولكنهم وجدوا ما افتقده الآخرون ، فنحن قد وجدنا كل شيء ولكننا افتقدنا أهم شيء ، وهم وجدوا أهم شيء وإن افتقدوا كل شيء ، وهل يضر ولي الله شيء إذا وجد الله وافتقد ما سواه ؟!
وليت سيرة هذا العظيم ، تكون منهجاً يحتذى به ، سيما لطلبة العلم الأعزاء الذين نتمنى أن نجدهم مظاهر ومجالي لمثل هذا الهدي والسلوك ، إذ ما أحوج مجتمعنا أن يرى ملائكة تمشي على وجه الأرض .
وآخر ما يمكننا قوله : رحم الله تلك الروح الطاهرة المطمئنة ، وحشرها مع مواليها الطاهرين محمد وآله المعصومين ( عليهم صلوات المصلين ) .
ولد سماحة اية الله محي الدين المامقاني في النجف الاشرف في صفر 1340 هجري الموافق عام 1920 ميلادية وهو نجل المرجع المحقق الكبير اية الله العظمى الشيخ عبد الله المامقاني مؤلف كتاب الموسوعة الرجالية (تنقيح المقال في احوال الرجال ) وحفيد المرجع الورع اية الله العظمى الشيخ محمد حسن المامقاني .
تحصيلة العلمي: درس الفقيد السعيد عند كبارمراجع الحوزة العلمية في النجف امثال المرجع السيد عبد الهادي الشيرازي والامام السيد محسن الحكيم والمرجع الميرزا باقر الزنجاني وحاز رتبة الاجتهاد وهو في مقتبل العمر وعرف عنه ملازمته للدرس والتدريس والبحث والتحقيق وقد تخرج على يديه عشرات العلماء والوكلاء وكان يجيد اللغات الثلاث العربية والفارسية والتركية اجادة تامة قرائة وكتابة .
وعرف عنه الزهد والورع والترفع عن ملاذ الدنيا وسمو النفس والجرأة في الحق في اشد الظروف خطورة حيث لا تاخذه في الله لومة لائم .
كما يعد مدرسة اخلاقية وهذا واضح لكل من تشرف بمقابلته او تتلمذ على يديه ..وكان محل اعتماد المرجعية وبالخصوص مرجعية الامام الحكيم حيث كان ساعدا امينا وفكرا ثاقبا واخلاصا منقطع النظير او قلّ مثيله في المثابرة على العمل والتفاني في خدمة خط اهل البيت (ع) بعيدا عن الاضواء .
وعند انقلاب البعث عام 1968 وعلى اثر هجمته الشرسة على المرجعية والحوزة الدينية ودور الفقيد في التصدي ضمن مرجعية الامام الحكيم الذي كان ملازما له ملازمة الظل وفي احلك الظروف قسوة ورعبا حيث كان ضمن قائمة المطلوبين للنظام المقبور ..حتى تمكن من الخروج من العراق في عام 1971 الى ايران وظل ملتزما بنهج التقى والورع ومواكبا للعلم والتحقيق رغم كل العروض المغرية التي قدمتها سلطات الشاه الا انه امتنع واحجم عن قبول اي شيء ..!
قام بتحقيق كتاب تنقيح المقال في موسوعة ضخمة فريدة في بابها وبجهد فردي غير معهود بلغ 60 مجلد وقد طبع منها 29 مجلد لحد الان، وله ايضا حاشية على شرح تجريد العلامة الحلي وحاشية على رسائل الشيخ الانصاري وحاشية على مرأة الكمال وحاشية على مراة الرشاد ...
وللفقيد الغالي ايادي كريمة في مساعدات كثيرة وجمة للمهجرين العراقين الى ايران وقدم مسكنه في النجف الى المفكر الاسلامي الشهيد الصدر للسكن فيه وكان مركزا لنشاطات الصدر ولخطه الجهادي فماكان من النظام الجائر بعد شهادة السيد الصدر الا تهديم ذلك المنزل بكل مايحتويه من كنوز العلم واثار ومخطوطات وتراث.
اجازات العلماء : حصل الفقيد السعيد على اجازات بالاجتهاد والرواية من المراجع العظام .. المرجع السيد ابو الحسن الاصفهاني المرجع الامام محمد حسين كاشف الغطاء المرجع السيد المرعشي النجفي المحقق الكبير الشيخ اقا بزرك الطهراني .
وللفقيد مواقف بطولية في التصدي للانحرافات ومقارعة الافكار الالحادية والهدامة طوال عمره الشريف وسواء في مجلسه المنيف اوفكره السديد ومداده الغزير ... علما بان عقيلة شهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم ابنة الفقيد الغالي .
وبعد طول زمن من الصبر على ابتلاء العلل والمرض ارتحلت روحه الزكية الى بارئها راضية مرضية وتغمد الله فقيدنا السعيد بواسع مغفرته وعظيم رضوانه في يوم الثلاثاء 6 جمادي الاخرة 1429 الموافق 10 / 6 / 2008.
فرحمك الله رحمة الأبرار يا محي الدين و الشريعة وحشرك الله مع محمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين
وساعد الله قلب ابنه العلامة الشيخ محمد رضاالمامقاني ( أبو مهدي ) ..فهو نعم الإبن البارّ بأبيه..
وألهمه الصبر والسلوان.
نعم عالم مجهول قدره إلا عند أهل العلم والمعرفة ، فقد كان بيته ملاذ لأهل العلم ومقصد للمراجع العظام ، فأكثر زائريه من هذه الطبقة . ( أمثال الآيات العظام : السيد المرعشي ،السيد الكلبياكاني ، السيد شريعت مداري ، السيد الكوكبي ، السيد محمد الروحاني ، الشيخ التبريزي ، السيد مهدي المرعشي ، السيد عباس الكاشاني ، السيد صادق الروحاني ، الشيخ الوحيد الخراساني).
وكان اخر من زار الفقيد المقدس الشيخالمامقاني في بيته آية الله المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني دام عزه ، كان ذلك قبل وفاته بأسبوع أو أقل من ذلك .
عالم مجهول القدر
فرضوان الله عليه يوم ولد، ويوم عاش، ويوم توفاه الله، ويوم يبعث حيًا
فرضوان الله عليه يوم ولد، ويوم عاش، ويوم توفاه الله، ويوم يبعث حيًا
أحمد المبارك- نشط
-
السٌّمعَة : 0
نقاط : -3
تاريخ التسجيل : 14/05/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2021, 6:32 am من طرف تمريّون
» من كتابات أم عماد المبارك رحمها الله تعالى
الأحد 10 مايو 2020, 3:01 pm من طرف المشرف العام
» منتدى أبوخمسين 12-10-1414 هـ
الخميس 22 سبتمبر 2016, 7:48 pm من طرف تمريّون
» معجم البابطين لشعراء القرنين ال 19 و 20
الأربعاء 31 أغسطس 2016, 4:43 pm من طرف تمريّون
» حول معنى كلمة .. الباطل يموت بترك ذكره .
السبت 28 مايو 2016, 12:10 pm من طرف تمريّون
» ياغيور ..
الثلاثاء 03 مايو 2016, 3:16 pm من طرف تمريّون
» رسائل بين الشاعرين الشامي ابن عيسى والهجري ابن الصحيح
السبت 26 ديسمبر 2015, 2:50 pm من طرف تمريّون
» تأمل في قول الرسول ( ص ) : (( صوموا تصحوا ))
الخميس 07 مارس 2013, 3:50 am من طرف تمريّون
» مـا أسـرع أيـامك يـاشهر رمضـان
الخميس 07 مارس 2013, 3:40 am من طرف تمريّون
» لكل يوم من شهر رمضان دعاء
الخميس 07 مارس 2013, 3:37 am من طرف تمريّون